27 - 06 - 2024

تباريح | خطاب مفتوح إلى الفريق السيسي

تباريح | خطاب مفتوح إلى الفريق السيسي

(أرشيف المشهد) 
16-8-2013 | 23:31

أخاطبك لتنفذ حرفيا القسم الذي أقسمته .. لا أبتغي رضاك ولا أسعى إلى غضبك ، فمنتهى أملي أن أنام الليلة مرتاح الضمير ، غير مؤنب لنفسي أني لم أعطي وطنيتي حقها.

يمكنك يا سيادة الفريق أن تراجع مواقفي ، فقد كنت سيفا في مواجهة الإخوان ، أنتقد ممارساتهم ، وأسعى للخلاص من تسلطهم على الوطن ، تمنيت في البداية مثلك أن ينجحوا في الحكم حتى تزول جراح مصر ، وحين ثبت فشلهم واتضح صممهم أمام كل ناصح أمين انتظرت اليوم الذي يزول فيه حكمهم .

توسمت فيك الصدق والإخلاص والوطنية وأحببتك بحق ، حين حذرت من أن يحاولوا تهديد الشعب المصري وترويعه ، وأعلم أنك لم تعد كما كنت مرتاح الضمير منذ يوم فض الاعتصام في 14 أغسطس ، وأنك الليلة سيصيبك أرق لابد منه بسبب سيل الدماء التي سالت في الشوارع.

أعرف أنك في معادلة صعبة بين فرض هيبة الدولة وهيبة الجيش في مواجهة تنظيم لا يتورع عن استخدام السلاح لفرض إرادته ، وعن استخدام الدين لتحقيق مطامع دنيوية ، وعن التغرير بأتباعه وإلقائهم في الجحيم من أجل أن تنعم القيادات بـادعاء "بطولة وشرف المواجهة" في مواجهة العصف بسلطتهم . الجماعة عندهم أهم من الدولة وأهم من دماء أتباعهم ولو فنوا عن آخرهم ، وبين الظهور بمظهر اللين الذي يتراجع خطوات للوراء ، مدفوعا بربما بنصائح من حولك والذين قد يكونوا صوروا لك أن أمرا كهذا ينتقص من هيبة الجيش.

معلوماتي أنك متدين تدينا صافيا ، مثل عامة هذا الشعب ، ولا بد أنك تدرك الآن أن جميع المصريين في رقبتك ، بإخوانهم وسلفييهم وعلمانييهم ويسارييهم، بأقباطهم ومسلميهم ، الصالح والطالح ، الإرهابي والطيب ، الأخرق والحكيم ، أصحاب الأجندات والذين يقطرون عشقا لبلدهم دون رغبة في شيء.

لايرضيك أن ترتد مصر إلى عهود رخصت فيها الدماء وهانت فيها الأعراض وروع فيها الآمنون ورفع فيها الفاسدون والمتملقون ، ولا أن يقف الجيش للمرة الأولى في مواجهة فصيل من الشعب وإن بغى وسعى إلى فتنة أهلية ، وإن ضل قادته وأتباعه وأوشكوا على الخروج من وطنيتهم. فالجيش جيش الشعب كله ، ولا ينبغي أن يجر إلى صدام ، ويقع في شراك مؤامرة هدفها تحطيم أجمل مالدى مصر .. جيشها البطل ورجاله الأوفياء وعقيدته القتالية الراسخة.

لقد انزعجت مثلما انزعجت أنت بالتأكيد من تصويب بنادق الجيش باتجاه صدور مصريين ، فهكذا كان يراد لها من أعداء الوطن والمتربصين به . هل شاهدت الدبابة التي تقتل شابا وقف في مواجهتها ؟؟ أظنك شاهدتها وسقطت دمعة من عينك على الحال الذي وصلنا إليه.

أعلم أنك لن تجد ممن تحدثهم وتسمع نصحهم من يقولون لك هذا الكلام ، لكني والله أخشى عليك وعلى صورتك التي تكللت يوما بطيف البطولة من أن تدنس بفعل المتآمرين والناصحين الذين يبحثون عن ذهب المعز ويخشون سيفه.

لتصدر أوامرك فورا بأن يكون الرصاص فقط في مواجهة الرصاص ، فمصر أجمل من أن تستدرج إلى مستنقع تبدو فيه ولو من بعيد أنها تعادي جماعة من جماعاتها ، لتتصرف بمنطق الأب الحاني الذي يقسو لكنه لا يكسر ولا يقتل ، لتفتح مجددا باب التفاوض والحلول إذا اقتنعت الجماعة بأن تنبذ العنف وتتخلى عن السلاح وتخوض غمار الحياة السياسية مثلها مثل أي تنظيم.

أعرف أنك بحكم تكوينك تعلي مصر على كل شيء حتى على جراحك ، وإذا كنت أنقذت البلاد من حمام دم في 30 يونيو فلا داعي لأن تتركها تغرق في حمام دم آخر بعد أسابيع .

بحق القسم الذي أقسمته أنقذ مصر من نفسها.  

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان